يعد اضطراب الفصام من الاضطرابات الذهانية. واريد أن اوضح معنى كلمة (ذهان) حيث ان هذا المصطلح ينتابه الكثير من الغموض. ان كلمة ذهان تعني اختلال (وجود خلل) في معرفة الحقيقة، بحيث ان الشخص المصاب بالذهان لا يستطيع التمييز بين ما هو حقيقي وما هو وهمي فتختلط الامور عليه واحيانا على من حوله ! والاعراض الذهانية تظهر بطرق متعددة ولكني سوف اتطرق الى اهم نوعين وهما "الضلالات" و "الهلاوس".
اما بالنسبة للضلالات فهي عبارة عن فكرة او اعتقاد خاطئ وراسخ عند المريض. وهذه الافكار ليس لها اي دليل من الصحة ولكن المريض يتمسك بها بقوة و لا يقبل النقاش او الجدال بها. وهناك عدة انواع من الضلالات سوف نبين اهمها.
الضلالات الاضطهادية تحدث عندما يعتقد المريض انه مراقب او ملاحق وان هناك اجهزة تصنت ترصد حركاته وان هناك من يريد الاساءة له سواءا بسبب او بدون سبب واضح. وفي كثير من الاحيان تكون الشكوك موجهة تجاه فرد من افراد الاسرة كالاب او الام او الاخ او الاقارب واحيانا الخدم. وهناك نوع آخر من الضلالات وهوضلالات العظمة، بحيث يعتقد المريض انه شخص مميز وذو طاقة خاصة او انه صاحب رسالة اصلاحية او دينية. اما اذا اعتقد المريض بان هناك قوة ما تتحكم به وتسيره على غير ما يريد او انه تحت تأثير سحر يسلب ارادته فهنا تسمى هذه الافكار بضلالات التحكم. واذا شك الزوج او الزوجة بان هناك علاقة مريبة او جنسية مع شخص آخر ويكون الاعتقاد رسخا دون اي دليل ملموس ففي هذه الحالة تسمى بضلالات الخيانة. وهناك ضلالات اخرى عديدة.
وبالنسبة الى الهلاوس، فهي عبارة عن وجود احساس دون وجود المسبب. بمعنى آخر ان يسمع الانسان اصواتا دون وجود مصدر ملموس لهذه الاصوات وهو ما يعرف بالهلاوس السمعية و حقيقة الامر ان المريض فعلا يسمع هذه الاصوات ولكن ليس لها وجود في العالم الخرجي وانما هي نتيجة لخلل كيميائي في المخ يخيل للمريض ان هناك اصواتا. واذا ذكر المريض انه يرى اشياءا لا يتسطيع رؤيتها الاخرون فهذه تسمى بالهلاوس البصرية. واذا شعر المريض بان شيئا ما يلامس جسده فهنا تسمى بالهلاوس الحسية. وهناك هلاوس تخص الشم والتذوق.
والجدير بالذكر ان الاعراض الذهانية لا تصيب مريض الفصام فقط ولكنها قد تصيب مريض الاكتئاب اوالتوحد او اضطرابات الشيخوخة اواي مرض عضوي في الدماغ مثل الصرع او ارتجاج المخ.
كيف يشخص اضراب الفصام ؟ هناك الكثير من اللبس فيما يتعلق باضطراب الفصام. فهناك من يسميه بانفصام الشخصية بحيث يتصرف الانسان باكثر من شخصية ومن الناحية العلمية فان هذا لا علاقة له بالفصام، وهناك من يفسر ما يحدث من اعراض لمريض الفصام من ضلالات وهلاوس بانه مس من الجن او بسبب السحر وهذه منطقة تسبب الجدل الكثير ولكن يمكن القول بان هناك تفسيرا طبيا وعلميا لما يصاحب مريض الفصام من اعراض مختلفة وغريبة.
ومن الناحية التشخيصية فانه حتى يومنا هذا لم يتوصل الطب الى طريقة لتشخيص اضطراب الفصام عن طريق فحوصات الدم والاشعة او تخطيط الدماغ، والطريقة المتبعة عالميا هي وجود الاعراض المرضية عند مريض الفصام. وهناك "الدليل التشخيصي والاحصائي الرابع للاضرابات النفسية" والذي يضع الشروط لتشخيص جميع الاضطرابات النفسية. وفيما يخص الفصام فانه يتطلب وجود فترة زمنية لأعراض الفصام لا تقل عن ستة شهور يتوجد فيها اثنان من الاعراض التالية. وجود الضلالات او الهلاوس او عدم ترابط الكلام او اضطرابات سلوكية او تبلد المشاعر. ويجب ان يصاحب هذه الاعراض تدني في الانجاز الدراسي او الوظيفي ويتاثر السلوك الاجتماعي للمريض بشكل سلبي وقد تكون هناك اعراضا اخرى مثل العصبية وقلة النوم وقلة الشهية.وهناك انواعا عديدة للفصام سوف نذكر اهمها.
- الفصام الاضطهادي، وهذا النوع غالبا ما يبدا في عمر 20 – 30 سنة ويتسم بوجود ضلالات اضطهادية ضد الاخرين فيتعقد المريض ان هناك من يريد ان يؤذيه عن طريق التجسس او عمل السحر له او وضع مواد سامة في الاكل ويصاحب ذلك سرعة الاستثارة و التوتر والعصبية وقلة النوم وقلة الاكلز وقد تتواجد الهلاوس السمعية ولكن ليس بالضرورة.
- الفصام المتفكك، وهذا النوع يتسم بوجود تفكك او عدم ترابط الكلام بحيث يتكلم المريض بطريقة غريبة وغير معتادة او مفهومة و كذلك اضطراب حاد في السلوك ووجود تصرفات غريبة ليس لها تفسير واضح.
- الفصام السلبي، ويتسم هذا النوع من الفصام بغياب الضلالات والهلاوس وعدم ترابط الكلام او السلوك. ويبدأ هذا الاضطراب في سن مبكر (13 – 15 سنة ) حيث يعزف الطفل عن الذهاب الى المدرسة ويميل الى العزلة الاجتماعية ويكون عنده عدم اهتمام بالنظافة الشخصية كالاستحمام وغيره وغالبا ما يؤثر الصمت ويكون قليل الكلام مما يدل عى اضمحلال الافكار.
- الفصام التخشبي، وهذا النوع من الفصام يظهر باعراض حركية متعددة منها التوقف عن الحركة او الجمود(التخشب) او على عكس ذلك يكون هناك نشاط مفرط بدون هدف وقد يكون هناك عدم استجابة للتعليمات والمحافظة على وضع متصلب ضد اي محاولة للتحريك.
اما عن اسباب المرض فهناك عدة نظريات ولكن اكثر سبب بينته الابحاث والدراسات هو العامل الوراثيحيث ينتقل المريض الى الذرية عن طريق الجينات الوراثية. ومن الناحية الكيميائة في المخ فهناك خللا في الموصلات العصبية والتي من اكثرها ذكرا في اضطراب الفصام هي مادة الدوبامين حيث تكون نسبتها زائدة عن الطبيعي.
وبالامكان معالجة مريض الفصام بمضادات الذهان الحديثة والتي اثبتت فعاليتها في علاج الاعراض المختلفة. وهي علاجات دوائية آمنة لا تشكل خطورة على حياة الانسان و لا تسبب اي نوع من التعود او الادمان.
